Site Personnel de Rachid RAHA
حوار/ صليحة بجراف - أش بريس – نوفمبر 2014
اعتبر المغربي رشيد الراخا، رئيس التجمع العالمي الأمازيغي (منظمة غير حكومية)، وضع حقوق الإنسان بالمغرب بعد دستور2011 "مؤسف" و"صادم".
وأوضح الراخا في حوار ل ” أش بريس” أنه في الوقت الذي كان فيه الجميع ينتظر تطورا في مجال حقوق الإنسان عموما، هناك ثمة تراجع كارثي، فيما يتعلق مثلا بالحقوق اللغوية والثقافية الأمازيغية، قائلا "رغم ترسيم الأمازيغية منذ ثلاث سنوات إلا أنه تم تجميد تفعيلها كليا، مضيفا أن مؤسسات الدولة اتخذت قرارات وسنت سياسات تراجعت فيها حتى عن ما تم إقراره قبل دستور 2011.
واستحضر رئيس التجمع العالمي الأمازيغي التراجع عن تعليم الأمازيغية، ومنع المواطنين من التحدث بها وتسمية أبنائهم بأسماء أمازيغية، وحتى اعتقال الأمازيغ ونزع أراضيهم وسلبهم ثرواتهم وكل ما امتلكوه لقرون.
كما تحدث عن أمور أخرى تهم تطور حقوق الإنسان بالمغرب وتنظيم تظاهرة المنتدى الدولي لحقوق الإنسان التي تنطلق اليوم الخميس بمراكش، وغيرها نتعرف عليها في الحوار التالي:
قضية حقوق الإنسان بالمغرب تشبه ورشا مفتوحا منذ سنوات بالمغرب دون أن يتحقق فيه أي تقدم، كما سبق لمنظمات حقوقية دولية أن أشارت، فلننظر مثلا للسنوات الأخيرة كل ما تحقق على نواقصه وعلاته في كل القضايا ظل كثير منه حبرا على ورق ولم يجد طريقه للتفعيل والتنفيذ على أرض الواقع، بل أكثر من ذلك أحيانا تتدخل الدولة على قرارات وتقدم على خطوات تدفع بنا للقلق الشديد خاصة وأنها توحي بأن كل ما قامت به الدولة في مجال حقوق الإنسان تستطيع التراجع عنه في أي وقت، وبالتالي فنحن وإن كنا نشيد بكل ما تحقق للأمازيغية أو المرأة أو في مجال الحريات وبناء دولة الحق والتغيير التدريجي نحو الديمقراطية، إلا أننا نتساءل عن جدية الدولة في كل ما أقدمت عليه من قرارات تحت تأثير ضغط المنظمات الحقوقية الوطنية والدولية خاصة وأن الأمازيغية مثلا ورغم أن مسلسل إنصافها بدأ منذ عشر سنوات وصارت لغة رسمية منذ ثلاث سنوات إلا أن الواقع أمر آخر إذ بقيت الأمور على حالها دون أن نصل للتغيير المطلوب أو على الأقل نسلك طريقه ونلمس إنجازات سنة بعد أخرى.
أعتقد أني أجبت نسبيا في السؤال الأول حول موضوع السؤال الثاني، إلا أن لدي إضافة تتعلق بكون تطور المنظومة الحقوقية بالمغرب صار خاضعا لموازين القوى بين الدولة من جهةّ، والمنظمات الحقوقية من جهة أخرى، فكلما ضعف الحقوقيين إلا وتراجعت الدولة عن قراراتها لصالح حقوق الإنسان، وكلما شكلوا قوة تتخذ تلك الدولة قرارات لصالح حقوق الإنسان ربما لتهدئة التوتر فقط، التوتر الذي ما أن يمر حتى تعود الأمور إلى حالها، وهذا أمر مؤسف حقا يكشف عن عدم اقتناع الدولة بكون إقرار حقوق الإنسان والسير نحو دولة الديمقراطية هو السبيل الوحيد لإخراج المغرب وشعبه من مآسيه وأزماته في كل المجالات.
وضع حقوق الإنسان بعد إقرار الدستور مؤسف وصادم، لأنه في الوقت الذي كان فيه الجميع ينتظر تطورا هناك ثمة تراجع كارثي، ففيما يتعلق مثلا بالحقوق اللغوية والثقافية الأمازيغية ورغم ترسيم الأمازيغية منذ ثلاث سنوات إلا أنه تم تجميد تفعيلها كليا، كما اتخذت مؤسسات الدولة قرارات وسنت سياسات تراجعت فيها حتى عن ما تم إقراره قبل دستور 2011، ونذكر كمثال التراجع عن تعليم الأمازيغية، وما ينطبق على الحقوق اللغوية والثقافية الأمازيغية هو نفسه واقع بقية الحقوق، لذا نقول أن حقوق الإنسان بعد إقرار التعديلات الدستورية لسنة 2011 تراجعت ولم تتطور كما لم تبقى على حالها.
كما سبق وقلت نحن نرى أنه لم يتحقق أي شيء يستحق الإشارة إليه بل ثمة تراجعات في كل المجالات، وهي تراجعات مستمرة ونحن هنا لسنا عدميين بل نقيم واقع الوضع الحقوقي كماهو، فالتعديلات الدستورية على محدوديتها إلا أنها كنص فيها ما يستحق الإشادة، إلا أن مصطلح الإشادة لا يمكننا أن نستعمله لأن تلك التعديلات بقيت حبرا على ورق.
صحيح تماما ـ للأسف ـ وعلى اختلاف إطارات الحقوقيين بالمغرب، إلا أنهم يجمعون على ما جاء في مضمون سؤالكم، ما يحدث بالمغرب حاليا وبعد التعديلات الدستورية للأسف أسوأ بكثير مما حدث طوال العشر سنوات قبل تلك التعديلات، نظرا للسياق الوطني والإقليمي والدولي الذي يفرض إحداث تغييرات وإقرار الحقوق والإستجابة للمطالب وليس العودة لما يسمى بهيبة الدولة التي يختزلها كثير من المسؤولين في تكريس القبضة الحديدية والتعامل بمنطق أمن النظام وقمع المدافعين عن حقوق الإنسان ولعب المقالب السياسية معهم، إن هيبة الدولة في نظرنا لا يمكن أن تتحقق إلا في دولة حقوق الإنسان والديمقراطية التي يحترمها مواطنوها ونحن نرى أن أفضل سبيل لتلك الدولة المأمولة هو التغيير التدريجي لكن لا نرى أنه يحدث حاليا لأنه لو كان يحدث لكنا نلمس الفرق سنة بعد أخرى، بدل تسجيل التراجعات.
الأمازيغ بالمغرب هم شعب هذا البلد ورغم تهميش لغتهم وثقافتهم وتزوير تاريخهم وقمعهم وتعريبهم قسرا طوال نصف قرن، إلا أن أغلبية المغاربة لا زالوا يتحدثون باللغة الأمازيغية، وحقوق أمازيغ المغرب هي حقوق مواطني هذا البلد سواء كانت ثقافية أو لغوية أو اقتصادية أو اجتماعية أو حتى سياسية.
وسند الأمازيغ ومرجعيتهم حين يطالبون بحقوقهم هو المواثيق الدولية لحقوق الإنسان ومبادئ الديمقراطية وقيم المساواة والحرية والإعتراف المتبادل، حقوق أمازيغ المغرب هي حقوق الإنسان، وأي إنسان لمجرد كونه إنسانا يعطي له ذلك حقوق طبيعية ومدنية وسياسية، وبالتالي فسؤالك هل للأمازيغ حقوق يشبه التساؤل حول هل للإنسان حقوق، أقول نعم للأمازيغ حقوق وهي كل ما ورد في المواثيق الدولية لحقوق الإنسان والشعوب تلك هي حقوقنا التي نريدها في بلدنا وكل بلدان شمال افريقيا.
يصدق ذلك إلى أقصى حد، لأن الدولة المغربية خرقت ولا تزال تخرق كل حقوق الأمازيغ كما وردت في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان وبقية التشريعات والمواثيق الكونية، فالأمازيغ محرومون ولو من أبسط حقوق الإنسان وضمن تلك البسيطة منها مجرد أن يسموا أبناءهم بأسماء أمازيغية أو يتحدثوا لغتهم في المؤسسات الرسمية أو يتعلموها إلى آخر ذلك.
مجرد كون الأمازيغي أمازيغي، طوال نصف قرن ولا زال يعتبر جريمة ومدعاة للاستنكار بسبب تبني الدولة المغربية ومعها “كوكتيل” الأحزاب ومنظماتها الموازية لإيديولوجية القومية العربية أو الإسلام السياسي النابع من المشرق، لذا سعى هؤلاء لتحويل المغرب لبلد عربي ونسخة طبق الأصل من بلدان العرب في الشرق، لذا كان يرون وجود الأمازيغ وحضور ثقافة ولغة أخرى غير العربية في البلاد تهديدا لإيديولوجيتهم العنصرية التي لا تريد المغرب إلا عربيا.
لهذا همشوا كل ما هو أمازيغي، لغة كانت أو ثقافة أو حضارة أو تاريخ أو فن أو غيره ذلك، في إطار سياسة إبادة شاملة لكل المقومات الأمازيغية وفي ذلك خرق فظيع لأبسط حقوق الإنسان والشعوب.
نعم المغرب لا زال متأخرا جدا فيما يتعلق بحقوق الإنسان فحين نتحدث عن منع المواطنين من تعلم لغتهم والحديث بها وتسمية أبنائهم بأسماء أمازيغية، وحتى اعتقال الأمازيغ ونزع أراضيهم وسلبهم ثرواتهم وكل ما امتلكوه لقرون، كل ذلك لا يعني أن المغرب لديه فقط طابوهات بل يعني أن ثمة جرائم ترتكب بحق الشعب وبسلطة الدولة وبقوة مختلف مؤسساتها.
فيما يتعلق بالحقوق لا، لكن ثمة امتيازات ومنافع مادية للمواطنين المغاربة بالصحراء وذلك معروف، لكن فيما يتعلق بحقوق الإنسان فالدولة لديها سياسة واحدة في التعامل مع كل المغاربة، وأود أن أسجل أن الصحراء الأمازيغية تاريخا وواقعا يعاني فيها الأمازيغ، فجبهة البوليساريو وفيما يتعلق بالإيديولوجية لا تختلف كثيرا عن بعض الأحزاب المغربية التي تتبنى القومية العربية، ما دامت تلك الجبهة تسعى لتأسيس جمهورية عربية في صحراء المغرب الأمازيغي، وللأسف المغرب يتجاهل تماما الأمازيغ في الصحراء ويهمش الأمازيغية كذلك في الصحراء، رغم أن الأمازيغ والأمازيغية وقفوا تاريخيا ضد كل من يمس بسيادة المغرب ووحدة ترابه ولنا في مقاومتهم للإستعمار خير دليل، إذ حتى في الصحراء كانت المقاومة من صنع الأمازيغ وليس القوميين العرب الذين ظهروا للوجود متأخرين مع أرسلان وعبد الناصر والبعث ومن على شاكلتهم من دعاة استراتيجية الثورة الإشتراكية العربية، او دعاة الإسلام السياسي المشرقي الذي يريد إعادة المغاربة إلى القرون السوداء في تاريخ العرب، وليس في تاريخ الأمازيغ الذي يشكل حافزا وسندا لكل القيم والمبادئ الحديثة، وما دمنا نتحدث عن حقوق الإنسان أتساءل مثلا، حين كانت الملكة امرأة أمازيغية “تيهيا” تحكم شمال افريقيا ماذا كان واقع النساء في شبه الجزيرة العربية ولدى العرب.
الأمم المتحدة وما يسمى بدول العالم الحر لديهم سياسة قائمة على تشجيع البلدان التي تبدي نوايا وتسن تشريعات في اتجاه إقرار حقوق الإنسان، حتى لو لم تكن تلك البلدان تحترم حقوق الإنسان مثلما هو الحال في المغرب، لذا على الدولة المغربية أن توقف تراجعها عن في مجال الحريات والحقوق وتقدم حقا على قرارات تكرس التوجه نحو دولة الديمقراطية والحريات وحقوق الإنسان.
تلك القضايا ضمنها من لن يطرح بالشكل المطلوب كما تم تجاهل قضايا أخرى كحقوق الشعوب الأصلية وغير ذلك، وبخصوص سؤالكم فالمغرب كما قلت ورش مفتوح بلا إنجازات وكثير من القرارات بقيت حبرا على ورق ككل القرارات التي تم اتخاذها فيما يتعلق بالأمازيغية.
منذ ثلاث سنوات اللغة الأمازيغية رسمية إلا أن ذلك الترسيم مجرد عبارة في الدستور بدون قيمة أو جدوى في غياب القانون التنظيمي لتفعيله.
وبخصوص بقية القضايا فثمة بعض التقدم فيما يتعلق بالمرأة لكن لا زال النقاش والجدل يدور حول مجمل القضايا التي تخضع للتجاذبات السياسية.
وما يعيق تحقيق التقدم فيها تبني الأحزاب المغربية لإيديولوجية القومية العربية والإسلام السياسي.
صورة وضعية حقوق الإنسان بالمغرب لا يمكن تجميلها بالمنتدى لأن ثمة منظمات حقوقية وطنية ودولية تصدر تقارير دورية حول تلك الوضعية، وما سيجمل وضعية حقوق الإنسان بالمغرب هو القرارات التي تقدم عليها الدولة لتحسين وضعية حقوق الإنسان.
لا أعتقد ذلك، لكن الاحتجاجات التي ستنظم بالموازاة مع المنتدى قد تدفع الدولة لمراجعة التراجعات الحاصلة في مجال حقوق الإنسان.
نحن لم نعلن إطلاقا عدم المشاركة في المنتدى كما لم نعلن مقاطعته أبدا، بل سنشارك داخله لأننا ضد سياسة المقعد الفارغ، كما أعلنا بالتنسيق مع إطارات وفعاليات الحركة الأمازيغية بالمغرب ومراكش على احتجاج للأمازيغ موازاة مع المنتدى يوم السبت 29 نونبر 2014 على الساعة الحادية عشرة والنصف أمام قصر المؤتمرات بمراكش.
رسالتنا من خلال الاحتجاج التي نريد إرسالها للعالم مرتبطة أولا بتأكيد الهوية الأمازيغية لهذا البلد، وثانيا بالتنديد أمام مختلف المنظمات الحقوقية العالمية ووسائل الإعلام الدولية بكل التهميش والعنصرية والتمييز التي تعرض ويتعرض لها الأمازيغ، وكذلك فضح نهب أراضيهم ومصادرة ثرواتهم، وكذا استمرار سجن المعتقلين السياسيين الأمازيغ بسجن مكناس إلى جانب متابعة الآلاف من الأمازيغ، سنحتج ضد العنصرية والتمييز الذي يمارس ضد الأمازيغ في كل المجالات وهدفنا دفع الدولة المغرب لإقرار الحقوق الأمازيغية كاملة غير منقوصة واليوم وليس غدا.
Copyright © 2014 - Tous Droits Reserver
Design & Conception BY: YARBAS