Site Personnel de Rachid RAHA
حوار/ عبد السلام رزاق صحفي بمكتب الجزيرة - الرباط - الأحد 27/11/2005
سعيا منا لتوضيح مختلف جوانب المسألة الأمازيغية في شمال أفريقيا أجرينا هذا الحوار مع الرئيس السابق للكونغرس العالمي الأمازيغي السيد رشيد راخا .
الكونغرس العالمي تأسس في صيف 1995. وهو منظمة دولية غير حكومية لجميع الأمازيغ في العالم، وينهج السبل السلمية في نضاله من أجل إحقاق الحقوق الاجتماعية والاقتصادية والهوياتية للأمازيغ. وتبعا لهذا فالأمازيغ في شمال أفريقيا والمهجر قرروا تأسيس منظمة تهتم بحقوقهم. وأعتقد أن من حقهم فعل هذا أسوة بكل الشعوب المعرضة للتهميش والإقصاء من قبل الأقليات الحاكمة، من القوميين والأنظمة الشمولية والديكتاتورية التي اغتصبت حق الأمازيغ في العيش في وفاق فوق أراضيهم .
فالكونغرس العالمي الأمازيغي وليد حاجة ملحة . وليس إملاء من جهة خارجية أو داخلية صديقة أو مناوئة. إنه فكرة مثقفين وجمعويين وحقوقيين أمازيغ، من المغرب والجزائر وتونس وليبيا ومالي والنيجر وجزر الكناري والمهجر، وكل هذه المناطق هي بلاد الأمازيع المسماة "تامازغا". وتتلخص هذه الحاجة الملحة في محاولتهم الانعتاق من التبعية العروبية والتحرر من استبداد أنظمة تنفيهم باستمرار، ثم لرغبتهم في التعبير عن كينونتهم بأنفسهم والجهر أمام أسماع العالم بأن الأمازيغ هم سكان شمال أفريقيا، ولن يكونوا شيئا آخر غير الأمازيغ .
بالرغم من أن الكونغرس العالمي الأمازيغي منظمة غير حكومية ولا تتلقى الدعم من أية جهة شرقية كانت أم غربية، فقد استطاعت بعزم وإصرار أن تكون الناطق الرسمي باسم أمازيغ العالم في كل المحافل الدولية وفي التجمعات الحقوقية والمنتديات الثقافية؛ فهي حاضرة بقوة في دورات الأمم المتحدة ومحافل الاتحاد الأوربي، وترفع بيانات ضد أنظمة شمال أفريقيا فيما يخص الخروقات المتتالية لحقوق الإنسان وخصوصا الأمازيغ .
وأعتقد أن الحصيلة جد مركزة وهامة وخاصة منذ 1995 إلى غاية 2005. وذلك ما يبرر تمسك الأمازيغ بمنظمتهم وسعيهم إلى تطوير أدائها وفق التطورات الراهنة .
لا بد من التوضيح أولا بأن الأمازيغ شعب ذو أرض ولغة وتاريخ وهوية، وليس عنصرا ضمن عناصر أخرى. ثم إن المطالبة بالاستقلال الذاتي تؤطرها المواثيق الدولية, ولا يجب أبدا أن يفهم من هذه المطالب أن الأمازيغ يريدون التقسيم والتجزئة. فلا يمكن أن نفهم أن الشعب الأمازيغي يسعى إلى تقسيم أرضه، فالمقصود هنا بالاستقلال الذاتي هو المساواة في الحقوق والواجبات، وليس نهج سياسة إغناء مناطق بتفقير أخرى .
وهناك من يسعى إلى الإساءة إلى الأمازيغ من خلال طرح متاهات غير مسؤولة تهدف إلى تصوير الأمازيغ كمغاربة انفصاليين، ونحن نقول إننا نطالب بأن تستفيد كل المناطق من أوضاع اجتماعية واقتصادية وثقافية عادلة تزيح الفوارق بين المغاربة أمازيغ ومعربين .
وللتذكير فإن الدولة المركزية مارست الضغط والقهر في الريف والجنوب الشرقي والأطلس والجنوب وحاولت الآن التكفير عن خطاياها من خلال خلق هيئة الإنصاف والمصالحة، لكن المواطنين يرون أن سياسة الترقيع غير مجدية، ويتطلب الأمر منحهم صلاحيات التسيير والتدبير الذاتي .
والحديث عن الاستقلال الذاتي يجب ألا أن يفهم منه أن الأمازيغ يوجدون في مناطق محددة ومعلومة سلفا, بل العكس هو الحاصل فهم يوجدون في كل أجزاء البلاد وفي كل مدنه بدون استثناء. ثم إن الاستقلال الذاتي للمناطق المغربية ذات الخصوصية المتميزة يعني تمكين هذه المناطق من استغلال ثرواتها الطبيعية والمعدنية والبحرية والغابوية والفلاحية, وتدبير الشأن المحلي من قبل أبناء المنطقة، وكل هذا في ارتباط وثيق بالوحدة الوطنية وإشراف إدارة مركزية .
وأعتقد أن طرح الأمازيغ لهذا الاختيار نابع من طبعهم الديمقراطي التشاوري الذي كانوا يسيرون به شؤونهم قبل أن تدمر إسبانيا وفرنسا أسس وركائز النماذج الفيدرالية الأمازيغية, التي يجب استلهامها كأشكال تنظيمية تاريخية متميزة من حيث توزيع الثروة ونوعية القوانين وتشكيل أجهزة الكونفدرالية، مع الاستفادة من التجارب الرائدة في الغرب .
أعتقد أن الأمازيغ لا يحتاجون لأي كان لينعم عليهم بالمواطنة، فهم سكان المغرب قبل استيلاء الأسر العروبية على الحكم فيه. لكن لابد من التأكيد أنه غداة انتهاء مفاوضات الوضع النهائي بالمغرب في "أيكس ليبان"، التي أفضت إلى مغادرة إسبانيا وفرنسا، لم يعترف النظام وحكوماته المتعاقبة بمساهمة الأمازيغ في حرب التحرير, وبالتالي تم استبعاد أية إشارة لأمازيغية المغرب في الدستور .
واعترف النظام بعروبة المغرب وكون الإسلام دينه الوحيد. ومن ثم كرس الدستور مفهوم العروبة والإسلام وشكل ذلك الإجراء فعلا سياسيا واعيا لجعل الأمازيغ في درجة أدنى من حيث الحقوق والمواطنة . ولتتكرس عقدة الأمازيغ ضد النظام الذي احتقرهم وأذلهم. وتنامت تلك "الحكرة " و"الإهانة" الأمازيغية لتصل إلى حد الدخول في مواجهات مع النظام في الريف وتافيلالت والأطلس المتوسط .
ومع توالي التعديلات التي لحقت الدساتير المغربية لم يرد النظام أن يغير من نظرته إلى الأمازيغ، وظل عروبيا ودينيا بامتياز، ينهل من الخرافات المرتبطة بالحسب والنسب والشرف .
وأود أن أضيف أن الدستور المغربي لا يعترف للمغاربة كلهم بحق المواطنة, بل يعتبرهم مجرد رعايا، بكل ما تحمله الكلمة من دونية وعبودية وتسلط. وهذا يدعونا إلى القول بأن الأمازيغ ما زالوا يعيشون نظام ميز عنصري على أرضهم. رغم كل المساحيق التي تبجل الديمقراطية ودولة القانون .
أما المواطنة التي يطالب بها الأمازيغ فهي ذات امتداد تاريخي عاشها الأمازيغ كشعب حر ثم دافعوا عنها كما تقرها المواثيق الدولية. وهي مواطنة مؤسسة على المساواة في الحقوق والواجبات بين الرجل والمرأة, ليس كما تكرس ذلك مدونة الأسرة بل كما تم الأمر على المستوى الكوني والذي يعني مواطنة راقية تنضاف إليها الحرية الدينية وحرية التعبير والرأي .
زيادة على الطابع العرقي لهذا الاتحاد, فهو لم يستند أبدا على دعم شعبي؛ لأنه كان ولا يزال إبداعا للحكام الذين لا يستشيرون شعوبهم كما يفعل الأوروبيون. وفوق ذاك هو محطة للمزايدات السياسية بين المغاربة والجزائريين، ولا يشكل أي أفق إستراتيجي في سياستهم المستقبلية باعتباره يهتم بالعنصر العربي فقط. فهو اتحاد عرقي عنصري يهدف إلى تقسيم شعوب شمال أفريقيا حسب اللون والعرق واللغة .
والأمازيغ هم من تضرر أكثر من هذا الاتحاد فهو ينفيهم كما نفاهم الحكام الذين صنعوا هذا الاتحاد. وأعتقد أن هذه الدول في حاجة إلى اتحاد اقتصادي واجتماعي على شاكلة الاتحاد الأوروبي المؤسس على الممارسة الديمقراطية واحترام التنوع اللغوي والديني. ولن تتغير نظرة الأمازيغ إلى "اتحاد المغرب العربي" إلا بجعله منظمة غير عرقية تهدف فعلا إلى الرقي بشعوب المنطقة .
Copyright © 2014 - Tous Droits Reserver
Design & Conception BY: YARBAS