Site Personnel de Rachid RAHA
حوار/ سعيد باجي - تاويزا – العدد 50 – يونيو 2001
شهدت مدينة خنيفرة يوم 4 مارس 2001 زيارة للسيد رشيد رخا رئيس الكونغرس العالمي الأمازيغي . وبهذه المناسبة أجرينا معه الحوار التالي:
أنا جد فخور بهذه الزيارة لهذه المنطقة (قلب الأطلس المتوسط)، كما أشكر جميع المناضلين هنا على حفاوة الاستقبال، وبالأخص جمعية "أمنزو" بجميع فعالياتها. قلتم "الزيارة المفاجئة"، لم تكن مفاجئة في نظري لأن مبدأ النضال الأمازيغي جعلني ألتقي اليوم بأبناء "موحا أوحمو الزياني" المقاوم الكبير، الذي عرفته عن طريق الكتب التي كتبت عنه في مجال المقاومة المسلحة بالأطلس المتوسط. وهذه الزيارة جاءت للقاء بمناضلي جمعية "أمنزو". وأود مسرورا أن ألتقي بباقي جمعيات "فزاز" في فرصة قادمة لأن المنطقة تعرف ديناميكية نضالية هامة. ووجود هذه الحركية الجمعوية التي لم تكن معروفة من قبل جعلني أتوق للقائها في أقرب وقت ممكن. كل ما أتمناه لهذه الجمعيات هو الاستمرار في نضالها وخلق خلية تنسيق فيما بينها لتكون في أوج النضال على غرار باقي المناطق الأخرى.
ولدت بقرية "بني نصار" التي أصبحت اليوم مدينة بإقليم الناظور (على حدود مليلية). هذا ما جعلني أعيش عالمين، وفي مختلف الثقافافت. وهذا ما أعطاني فرصة للاهتمام أكثر بعلوم المجتمعات (أنثروبولوجية) بطريقة عصامية. والآن أشتغل كباحث فيها من حيث عاداتها وتقاليدها في معهد من أهم معاهد غرناطة الإسبانية. عشت بين أربع لغات: اللغتان العرببية والفرنسية تعلمتهما في المدرسة، واللغتان الأمازيغية والإسبانية تعلمتهما في الشارع. كانت الأمازيغية (الريفية) أقرب لغة إلى نفسي لكوني تعلمتها منذ الصغر، وكنت أهتم بها، لكن بدون شعور إلى أن أصبحت طالبا أتابع دراستي الجامعية بمدينة "بوردو" الفرنسية سنة 1984. وقد تأثرت أكثر بحدثين بارزين، هما":
ـ أحداث الريف
ـ توقيع كتاب محمد بن عبد الكريم الخطابي سنة 1973.
غير أن الحدث الثاني جعلني أكتشف أن تاريخ إيمازيغين كان مهمشا ومزورا، وأن الجمعيات الأمازيغية طالها التهميش والفقر، وحتى العنصرية. هذا ما دفع بي إلى تأسيس مجموعة للتوثيق والدراسات من داخل الحركة الطلابية بغرناطة التي تحولت منذ سنة 1995 إلى "الجمعية الثقافية الأمازيغية بإسبانيا"، وهي من المؤسسين للكونغرس الأمازيغي العالمي ب"سان روم دولان". وفي سنة 1999 انتخبت بالأغلبية رئيسا للكونغرس بمدينة "ليون" الفرنسية، هذا الكنگريس الذي لم يحضر أشغاله الجزائريون لعدم حصولهم على التأشيرة. شاركت في مجموعة من الندوات والمناظرات، سواء داخل المغرب أو خارجه، كما أنني عملت على نشر مجموعة من الكتب بخصوص القضية الأمازيغية.
الكونغرس جمعية حقوقية تدافع عن حقوق الأمازيغيين أينما كانوا. في الحقيقة، في بداية تأسيسه اعتمد الكونغرس فقط على إصدار البيانات. لكن بعد سنة 1999، بدأ المؤتمر يحضر بين الجمعيات الأمازيغية، حيث حضر في الذكرى العشرين للربيع الأمازيغي بالجزائر، ثم كملاحظ ببوزنيقة، وعدة لقاءات رسمية، سواء داخل المغرب أو خارجه. ففي أبريل الماضي حاولنا التنسيق بين أعضاء المجلس الفيديرالي، لكن مع الأسف لم يرخص للجزائريين بالمشاركة. ولا ننسى أن الكونغرس يعاني مشكل التمويل.
بالعكس، الجمعيات تضع الثقة في الكونغرس، لكن بعض الجمعيات، إن لم نقل أناس يعدون على الأصابع، لهم حساسية سياسية، حاولوا عقد مؤتمر لكنهم فشلوا في ذلك، ويريدون أن يخلقوا أنظمة وهيئات عالمية أخرى بعيدة عن الكونغرس. وقد كنا ننتظر ان تحدث مشاكل لأسباب موضوعية:
ـ مشكل الأحزاب السياسية التي تريد احتواء الجماهير.
ـ الأجهزة الحكومية لبلاد شمال إفريقيا التي ترفض مبادئ المؤتمرين، والتي تسعى إلى تقسيمهم والعمل على انفصالهم.
ـ اختلاف طريقة التفكير في النضال داخل المنظمة العالمية الأمازيغية بين المؤتمرين على اختلاف انتمائهم الجغرافي، وحتى بين مؤتمري بلد واحد، هناك اختلافات. فمثلا دولة الجزائر تعيش أحداث تقتيل وإرهاب وصراعات تحتم على مناضليها النضال بأية طريقة ممكنة. أما في المغرب، فطريقة النضال لا بد أن تكون عقلانية وسلمية أكثر لتفادي أية صراعات إيديولوجية.
ـ مشكل التعصب للغة الأمازيغية من طرف بعض الجمعيات.
ومن هذا المنطلق أدافع على فكرة التنسيق بين الأمازيغيين محليا ووطنيا وعالميا بالرغم من اختلافات اقتصادية واجتماعية وسياسية.
أنا لا أومن بأي كونغرس آخر، وما أعرفه وقلته سابقا: هناك لقاء بين أشخاص يريدون سحب الثقة من الكونغرس، ويريدون خلق هيئة أخرى للدفاع عن حقوق الأمازيغيين. فليست لنا أية حزازات فيما يخص إنشاء هيئة أمازيغية، ونحن نشجعهم لفعل ذلك، إن كانوا لا يمسون بمبادئ الكونغرس، وننتظر من الأمازيغيين أن يكونوا في أوج العطاء ويتحلوا بروح الديموقراطية.
"البيان الأمازيغي" (ميثاق السيد محمد شفيق) خرج في وقت مناسب، يتضمن أهم مطالب الأمازيغيين من خلال فتح مجال النقاش بين جميع الفعاليات الأمازيغية. وهي خدمة وطنية رئيسية ومهمة جدا. ولا بد أن نعود ونعترف بالبعد التاريخي لهذا البيان الذي كان من ورائه الأستاذ محمد شفيق. إلا أنه لا بد أن نعترف بجميع الانتقادات إذا كنا أمازيغيين نؤمن بمبدأ الديموقراطية. فالميثاق الأمازيغي هذا أعطى نفسا جديدا للقضية، مما جعل كل الفعاليات الأمازيغية تفعل كل ما بوسعها من أجل الدفع أكثر بالنضال إلى الأمام. وعلينا نحن كنخبة أو قاعدة كلما كان هناك عمل بناء يخدم القضية فعلينا أن نشجعه ونسانده. ثم إذا كان هناك عمل سياسي لا يمكن أن يقتل عمل الجمعيات الأمازيغية، كما أنني أرى أن هذا سيعطي لنضال نفسا جديدا... نريد أن نصل إلى هدف واحد، لكن لا بد أن تختلف طرقنا لنضمن الوصول.
إن خدمة العمل الجمعوي كان دائما يتجه إلى النخبة. والآن آن الأوان لأن يتجه نحو القاعدة. والشيء المهم جدا هو ظهور الحركة الثقافية الأمازيغية داخل الجامعة المغربية التي تناضل بديناميكية أكثر. وهذا ما نريد أن تقوم به الجمعيات، وأن يخرج النضال إلى الشارع للتحسيس أكثر بالقضية الأمازيغية. وعلى الجمعيات أن تستغل جميع الفرص التي أتيحت لها، سواء في تنظيم دروس محو الأمية بالأمازيغية، أو خلق لجن في جميع الميادين، آخذة بعين الاعتبار التجربة الجمعوية الجزائرية التي أنتجت أطرا تربوية ساهمت اليوم في برنامج التعليم بالأمازيغية.
أنا أولا لا أسميها لهجات، بل لغات جهوية. أما مشكل معيرة وتوحيد هذه اللغات الجهوية فهو صعب جدا على الجمعيات، ويتطلب هذا معاهد ومؤسسات خاصة، وكذا عمومية. وهي مهام على الدولة أن تقوم بها وتتحمل في ذلك مسؤوليتها. وإنشاء هذه المعاهد والمؤسسات الثقافية التي تهتم باللغة الأمازيغية مطلب من مطالب الحركة الثقافية الأمازيغية. لكن علينا أن نكون علميين في تفكيرنا. فالأمر يقتضي أن نعرف أننا نملك لغات جهوية قوية لبناء لغة مغربية إلى جانب اللغة العربية. فعلينا أولا أن نحقق مطلب تعليمها في المدرسة المغربية، وثانيا ستدرس كل لغة جهوية في المنطقة التي يتكلم بها قاطنوها آخذين بعين الاعتبار اللغات الجهوية الأخرى في أفق معيرتها وتوحيدها تدريجيا. فلا بد من المرور بهذه المراحل والاستفادة من التجربة الجزائرية.
لا بد للنضال أن يكون يوميا ومستمرا. فالطلبة لهم الفرصة أكثر للوعي والتحسيس بالقضية. فلننظر إلى جميع البلدان المتقدمة، كان وراء تقدمها الشباب المتواجد بالجامعات. فالشباب بصفة عامة مهم جدا لصنع مغرب واعٍ بهويته الأمازيغية. فنقرأ تاريخ القرن العشرين: الجهاد في سبيل استقلال البلاد كان من ورائه الشباب المغربي، سواء من داخل جيش التحرير أو على شكل تنظيمات مستقلة أخرى. وكان الساعد الأيمن للحركة الوطنية التي استمدت مرجعيتها من المشرق، والتي لم تعط الاهتمام للهوية الأمازيغية. فعلى الشباب أن يحمل مشعل النضال من داخل الجامعة إلى الشارع، وأن تكون له الغيرة أكثر على مناطقه المهمشة، وأن يساهم في تنميتها. وأتمنى أن يتمكن من التنسيق، سواء على الصعيد الوطني أو العالمي.
أشكركم كثيرا على استقبالكم لي، وأتمنى لكل جمعيات الأطلس المتوسط التوفيق في نضالاتها بخصوص القضية الأمازيغية، آملين أن تتمكن من المشاركة الفعالة سواء وطنيا أو عالميا.
Copyright © 2014 - Tous Droits Reserver
Design & Conception BY: YARBAS